دعاوى الأوقاف والوصايا

مقدمة

تُعدّ الأوقاف والوصايا من أعظم التصرفات الشرعية التي يتقرب بها المسلم إلى الله، لما فيها من نفع دائم واستمرار للأجر بعد وفاته وتعد أيضاً من التصرفات القانونية المهمة التي تنظم نقل المنافع أو الأموال بعد وفاة الشخص، وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية.

وهما من عقود البرّ التي أقرّها الإسلام ورتّب عليها آثارًا عظيمة في الدنيا والآخرة، وقد أولى المنظِّم هذا النوع من التصرفات عناية كبيرة، نظرًا لما ينطوي عليه من مراكز قانونية متشابكة، وعلاقات مالية ممتدة.

إلا أن هذه التصرفات قد تكون محل نزاع في حال ادعى أحد الورثة أو ذوو المصلحة بوجود سبب شرعي أو نظامي يستوجب الإبطال.

 ونظرًا لما يترتب على الوقف والوصية من آثار قانونية ومالية واجتماعية، فقد أولى المنظِّم اهتمامًا بالغًا بتنظيمها عبر نصوص نظام الأحوال الشخصية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/73) وتاريخ 6/8/1443هـ، مؤكِّدًا على أهمية ضبط هذه التصرفات، وضمان حسن إدارتها، وفض المنازعات المتعلقة بها.

وتختص محكمة الأحوال الشخصية بنظر الدعاوى المتعلقة بالأوقاف والوصايا التي لا تخرج عن الطابع الشخصي والحقوق المتفرعة عنها، وذلك وفقًا للاختصاص القضائي النوعي والموضوعي.

وأبرز دعاوى الأوقاف والوصايا التي تُرفع أمام محكمة الأحوال الشخصية هي:

  • دعوى إبطال وقف أو وصية

دعوى إبطال وقف أو وصية هي الدعوى التي يرفعها الوارث أو أي صاحب مصلحة ضد الواقف (إذا كان حيًا) أو ضد ورثته (إن كان متوفى)، أو ضد ورثة الموصي، بقصد المطالبة بإبطال التصرف بسبب مخالفته لأحكام الشريعة أو النظام، كأن يكون فيه إجحاف بالورثة أو تم خارج حدود الثلث، أو ثبت فيه تدليس أو إكراه أو افتقار إلى أحد شروط الصحة.

ما هو الأساس النظامي والشرعي لهذه الدعوى؟

أولاً /الأساس الشرعي:

يعتبر الوقف والوصية في الشريعة الإسلامية من العقود التبرعية التي يجب أن تصدر بإرادة صحيحة، ولا تتجاوز حدود ما أباحه الشرع (الوصية لا تتجاوز الثلث إلا بإجازة الورثة).

ثانياً/الأساس النظامي:

نص نظام الأحوال الشخصية في مواده على شروط صحة الوقف والوصية، ومنها أهلية الواقف أو الموصي، ومشروعية الموقوف عليه أو الموصي له، وخلو التصرف من الغبن أو الإجبار وحدد شروط صحتها وأسباب بطلانها.

ثالثًا: حالات إبطال الوقف أو الوصية

  • إذا ثبت أنها تمت بغرض الإضرار بالورثة أو حرمان بعضهم.
  • إذا زادت الوصية عن الثلث ولم يُجز الورثة ما زاد.
  • إذا كانت الوصية أو الوقف صادرة من شخص غير مكتمل الأهلية أو تحت إكراه أو تدليس.
  • إذا تبيّن أن الصيغة غير مكتملة أو أن شروط الوقف لم تتحقق.

رابعاً: أسباب رفع الدعوى؟

تُرفع هذه الدعوى من قِبل من له مصلحة شرعية إذا شاب الوقف أو الوصية عيب مؤثر أو حد مبطلات العقود مثل (صدوره من غير كامل الأهلية، أو في حال وجود تزوير أو تغرير، أو كان الوقف على جهة باطلة أو غير مشروعة).

خامسًا: أثر الحكم بالبطلان

في حال حكمت المحكمة ببطلان الوقف أو الوصية وما يترتب على ذلك من آثار بأثر رجعي، يُعتبر التصرف كأن لم يكن، ويُعاد المال إلى التركة ويتم توزيعه بحسب أحكام الإرث.

 

 

شارك المقال