دعاوى الحضانة والزيارة والنفقة

تُعد قضايا الحضانة والزيارة والنفقة من أبرز وأهم  أنواع الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج، سواء بطلاق أو فسخ أو خلع أو وفاة، وهي من القضايا التي تمس مصلحة الصغار وحقوقهم بشكل مباشر، ما جعلت الأنظمة المرعية تسليط الضوء عليها لتنظيمها بشكل جيد يمنحها اهتمامًا خاصًا ويُخضعها لتنظيم دقيق ضمن نظام الأحوال الشخصية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/73) لعام 1443هـ، مع ما يُراعى من الأعراف القضائية المستقرة.

تختص محاكم الأحوال الشخصية بنظر دعاوى الحضانة والزيارة والنفقة، وفقًا لما ورد في نظام المرافعات الشرعية ولائحته التنفيذية، وتُرفع الدعوى إلكترونيًا عبر بوابة ناجز التابعة لوزارة العدل، مع مراعاة اختصاص المحكمة الأقرب لمحل إقامة المدعى عليه أو محل الحاضن والصغير بحسب الأحوال.

نظمتالقوانين الداخلية والأنظمة المرعية هذا النوع من الدعاوى ويندرج تحتها:

  • أجرة الرضاع أو الحضانة

يحق للحاضنة (غالبًا الأم) المطالبة بأجرة الحضانة أو الرضاع إن لم تكن الزوجة قائمة بهما حال قيام النكاح أو بعد الطلاق، وتُقدر الأجرة بناءً على حالة الطرفين المادية والعرف السائد، ما لم يوجد اتفاق أو شرط.

  • دعوى تسليم صغير لحاضنه

إذا كان الحاضن غير الحائز للصغير، فيمكنه رفع دعوى تسليم ضد الطرف الآخر، ويُشترط أن يكون الحاضن مستوفيًا للشروط النظامية من العقل، والأمانة، والإقامة المستقرة، وألا يكون في حضانته ضرر على المحضون.

  • رؤية الصغير (الزيارة)

تنظم هذه الدعوى حق أحد الوالدين أو الأقارب في زيارة الصغير، وتُحدد المحكمة مواعيد ومكان الزيارة، ويجوز أن تطلب الجهة المختصة تنفيذها في مراكز الرؤية المعتمدة، تحقيقًا للمصلحة الفضلى للطفل.

  • الحضانة

وتُعد من أكثر الدعاوى شيوعًا بعد الطلاق، وتُفصل المحكمة فيها بناءً على مصلحة المحضون، دون التقيد التام بترتيب الحاضنين، مع إمكانية نقل الحضانة إذا تغيّرت الظروف، كزواج الأم أو سوء معاملة الطفل.

شروط الحضانة فهي: (الإسلام، البلوغ، الأمان في السكنى فلا حضانة لمن يسكن في مكان غير آمن، القدرة فلا حضانة لعاجز بدنيا أو كبير في السن، السلامة الصحية فلا تكون الحضانة للمريض مرضا مزمنا أو معديا ويكون بحاجة لمن يعتني به، الرشد وهو ضد السفه، الحرية فلا حضانة للمسجون والمحكوم عليه بحكم قضائي، العدالة فلا حضانة لخائن لأنه غير مؤتمن ولا لفاسق كمتعاطي المخدرات أو شارب الخمر أو المتحرش والزاني وكل مرتكب لسلوك يتنافى مع الشرع الحكيم والآداب العامة، المعاملة الحسنة فلا حضانة للمعنف ومن يؤذي المحضون جسديا ويضربه، أن تكون المرأة غير متزوجة «وهو محل تفصيل» وعكسها الموانع، فإذا سقط أي شرط من هذه الشروط أو أخل الحاضن بها وثبت ذلك سقطت حضانته، كما لو حصل الحاضن على حضانة الصغير ومن ثم أصبح به جنون، أو مرض خطير، أو عجز فهذه من مسقطات الحضانة، ويحق لغيره طلب اسقاطها.

من هو الأحق بالحضانة؟

أجمع العلماء على أن الأم أقدم الحواضن، ويقدم النساء على الرجال في الحضانة لأنها – أي الحضانة- مبناها على الشفقة والرفق بالصغار وذلك من جانب النساء أوفر وهن بالتربية أعلم وعلى إقامة مصالح الصغار أقدر.

  • الزيارة للأولاد أو غيرهم

تشمل طلبات زيارة الأبناء من الأقارب غير الوالدين كالأجداد، إذا ثبت وجود علاقة قرابة وثيقة، مع مراعاة مصلحة الصغير وملاءمة الزائر.

  • زيادة نفقة أو إنقاصها أو إلغائها

يحق لأحد الوالدين المطالبة بزيادة أو إنقاص النفقة بناءً على تغيّر حال الطرف المنفق أو تغيّر احتياجات المحضون، وتُراعى المحكمة في تقديرها دخل المنفق والأسعار السائدة.

  • النفقة الماضية

يحق للزوجة أو الحاضن رفع دعوى بالمطالبة بنفقة سابقة لم تُؤد، سواء كانت نفقة الزوجية أو نفقة الأولاد، شريطة أن لا يكون قد تم إسقاطها باتفاق أو حكم سابق.

  • النفقة المستقبلية

تشمل مطالبة النفقة المقررة شهريًا للصغار مستقبلاً، ويصدر بها حكم قابل للتنفيذ الدوري حتى بلوغ الأولاد سنًّا تسقط فيه النفقة أو تنتقل المسؤولية.

خاتمة:

إن دعاوى ما بعد زوال عقد الزوجية ليست فقط دعاوى مادية أو خلافات أسرية، بل هي وسيلة لضمان استمرار الرعاية والحقوق للصغار وحماية مصالحهم ضمن إطار شرعي ونظامي منضبط، يجعل من العدالة والمصلحة الفضلى للطفل محورًا أساسيًا لكل قرار قضائي يصدر في هذا السياق.

شارك المقال