تُعد الدعاوى العقارية من أبرز الدعاوى، نظرًا لما تمثله العقارات من أهمية اقتصادية واجتماعية، وتزداد الحاجة إلى تنظيمها مع اتساع التنمية العمرانية وازدياد التداخلات العقارية.
وقد جاء نظام المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/191) وتاريخ 29/11/1444هـ، لينظم القواعد الحاكمة للعقود، وحماية الملكية، والحقوق المتصلة بالعقار.
وتختص المحكمة العامة بالنظر في الدعاوى العقارية بموجب المادة (31) من نظام المرافعات الشرعية التي نصت على اختصاص المحاكم العامة في الدعاوى المتعلقة بالعقار من المنازعات في الملكية أو وقفيتها.
*تتعدد صور هذه الدعاوى بحسب نوع النزاع وموضوع الحق، وأبرز أنواع الدعاوى العقارية:
- دعوى استطراق (مرور عبر عقار الغير)
عندما يُحاط العقار من جميع الجهات بعقارات الغير، يكون للمالك الحق في المطالبة بالمرور عبر أحدها على أن يُراعى في ذلك مصلحة الطرفين، ويُدفع تعويض إن وُجد ضرر.
وهي دعوى تُقام عندما يُمنع مالك عقار محصور لا منفذ له من الوصول إلى طريق عام، فيطالب بإلزام جاره بالسماح له بالمرور من خلال عقاره.
يُشترط في هذا النوع من الدعاوى أن يكون العقار فعلاً محصورًا، وأن يكون الطريق المطلوب هو الأنسب والأقل ضررًا.
وتستند المحكمة في حكمها إلى القاعدة الشرعية “لا ضرر ولا ضرار”.
- دعوى تداخل العقارات
تُرفع هذه الدعوى في حال وجود تداخل في حدود العقارات المجاورة، سواء بسبب خطأ في الصكوك أو نتيجة الاعتداء على جزء من الأرض.
غالبًا ما تُحسم هذه القضايا بعد إجراء كشف مساحي رسمي بالتعاون مع الجهات المختصة (كأمانات المدن أو البلديات أو الهيئة العامة للعقار).
ويُفصل فيها بناءً على الصكوك الرسمية، والمخططات المعتمدة، ووفق أحكام نظام التسجيل العيني للعقار، مع جواز الاستعانة بخبير فني من المحكمة.
- دعوى حق الشفعة
تُرفع من قبل شريك في عقار مباع من الشريك في العين، أو المشارك في المرافق، أو المجاور، للمطالبة بإثبات حقه في تملك العقار المباع بنفس شروط البيع وذلك حمايةً لاستقرار الملكية.
يجب رفع دعوى الشفعة خلال فترة زمنية قصيرة، وإثبات توافر شروطها النظامية، ومنها عدم التنازل عن الحق سابقًا، والقيام بالإجراءات القضائية فور العلم بالبيع.
ويشترط أن تُمارس الشفعة فور العلم بالبيع.
وتنظمها المادة (658) وما بعدها من نظام المعاملات المدنية.
- دعوى قسمة العقارات المشتركة
هي دعوى تُرفع في عقار مملوك لأكثر من شخص يتقدم بها أحدهم أو بعضهم ضد بقية الشركاء طالبين قسمة الإجبار، وتسليمه حصته من العقار ولا تشمل هذه الدعوى العقار المشترك بالإرث ولم يسبق قسمته أو العقارات المملوكة للشركات الخاضعة لنظام الشركات.
تشترط المحكمة في هذا النوع من الدعاوى التأكد من إمكانية القسمة دون ضرر، وفي حال تعذر ذلك تُلجأ إلى البيع بالمزاد العلني.
- دعوى مقاولات إنشاء مباني.
تُرفع هذه الدعوى في منازعات أعمال مقاولة إنشاء المباني التي تعدل من حالة العقار، والتي تقام على غير التاجر أو على التاجر لأعماله غير التجارية الأصلية أو التبعية، أو التي تتعلق بالنزاعات بين المالك والمقاول في عقود الإنشاء.
وتشمل المطالبة بالتعويض عن الإخلال بالعقد، أو المطالبة بالأجر أو المطالبة بتنفيذ أعمال البناء أو المقاولة سواء البدء في العمل، أو إكماله أو الالتزام بالسعر أو المواصفات أو التأخير في الإنجاز.
تستند المحكمة في هذه القضايا إلى العقود المبرمة، والتقارير الفنية، وغالبًا ما تستعين بخبير هندسي لتقدير الضرر أو الإنجاز.
وينظمها المادة (473) وما بعدها من نظام المعاملات المدنية.
- دعوى ملكية عقار سواء بإثبات ملكية عقار أو نفي ملكية عقار
هي من أكثر الدعاوى العقارية تداولًا، وتُرفع للمطالبة بإثبات الملكية على عقار معين، أو لنفي ادعاء طرف آخر بملكيته ويقع عبء الإثبات على المدعي.
ويستثنى من ذلك دعوى تداخل العقار وطلبات صكوك الاستحكام، ولا الهبة بين الزوجين أو الهبة لوارث.
تعتمد هذه الدعوى على الأدلة المادية مثل الصكوك أو الوثائق الرسمية أو حيازات قديمة، وقد تُحال إلى محكمة التنفيذ في حال وجود حكم نهائي بتمكين المالك.
وينظمها المادة (673) وما بعدها من نظام المعاملات المدنية.
- دعوى نزاع حول مسايل أو حيّ
وهي المنازعات العقارية التي تتعلق بالخلاف حول مسيل المياه إلى المزارع أو حمى المزارع وهي مرفقا لازماً للمزرعة وليس مشمولاً بصك تمليك.
يُنظر في مثل هذه القضايا إلى الأعراف السائدة، والمسارات الطبيعية للمياه، ومدى وجود أضرار بيئية أو مادية نتيجة التصرفات المدعى بها.
قد نظمتها المادة (679) وما بعدها من نظام المعاملات المدنية.
- دعوى إخلاء عقار
يُقيمها مالك العقار ضد المستأجر للمطالبة بإخلاء العقار بعد انتهاء العقد أو بسبب عدم دفع الأجرة أو الاستعمال غير المشروع أو يُقيمها من له حق الانتفاع عند انتهاء مدة الانتفاع، أو التعدي على العقار دون سند شرعي
يجب أن يسبقها إنذار قانوني، وتُطبق أنظمة الإيجارات العقارية، بما في ذلك تنفيذ الحكم عن طريق محكمة التنفيذ بعد صدوره.
الخاتمة:
تُعد الدعاوى العقارية من أكثر الدعاوى تعقيدًا وحساسية نظرًا لارتباطها بحقوق مالية طويلة الأمد، وتستلزم غالبًا وجود تقارير خبراء واطلاع دقيق على الأنظمة، وخاصة نظام المرافعات الشرعية، ونظام العقار الموحد، والأنظمة ذات الصلة بنقل الملكية والعقود